معلومات تدهشك معلومات تدهشك

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أوليفر تويست: اليتيم الذي تحدى الظلم

في أحد أركان إنجلترا القاسية خلال القرن التاسع عشر، وُلد طفل يتيم تحت سقفٍ بارد من القسوة والإهمال. لم يعرف معنى الأمومة، ولا تذوّق حنان الأبوة. كان اسمه أوليفر تويست. وُلد داخل دار فقيرة للإنجاب غير الشرعي، وتوفيت والدته فور ولادته، دون أن تهمس له حتى باسمها.

كان الطفل ضعيف البنية، تغشاه ملامح البراءة والدهشة، لكنه وُضع على الفور في يد المسؤولين عن دور الأيتام، وتحديدًا في عهدة رجل متجهم يُدعى السيد بامبل، موظف في الكنيسة ومشرف على دار الرعاية. لم يكن بامبل يرى في الأطفال إلا أفواهًا جائعة وعالة على النظام، فكان يتعامل معهم بغلظة، دون رحمة أو رأفة.

الطفولة المسروقة

نشأ أوليفر وسط مجموعة من الأطفال اليتامى، يتقاسمون الطعام الشحيح، والبطانيات الممزقة، والصفعات العنيفة من القائمين على الدار. لم يكن مسموحًا له بأن يحلم أو أن يلعب كباقي الأطفال، بل فُرض عليه منذ صغره العمل مقابل القوت، وكأنّهم يعاقبونه على كونه يتيمًا.

وذات يوم، بعدما أنهى أوليفر طعامه القليل، تجمّع الأطفال من حوله وشجعوه أن يطلب مزيدًا من الطعام. وقف بخجل أمام السيد بامبل، وقال بصوت خافت: "من فضلك، أريد المزيد." كان وقع الجملة على مسامع المسؤولين كصفعة، فجنّ جنونهم وقرروا معاقبته. كيف يجرؤ فتى يتيم فقير على المطالبة بما يفوق نصيبه؟!

وبحثوا عن حل سريع للتخلص منه، فعرضوه للبيع كما تُعرض البضائع في السوق. رآه أحد منظفي المداخن في إعلان، وجاء ليأخذه بثمن زهيد، ولكن الإجراءات اقتضت عرضه على قاضٍ لتوثيق العملية.

رحمة في قلب القاضي

عندما حضر أوليفر إلى المحكمة، نظر القاضي في عينيه، فشعر بشيء مختلف. لم يكن هذا الطفل عاديًا، بل كانت فيه براءة نادرة تستغيث من القهر. رقّ قلب القاضي ورفض تسليمه للعامل، فغضب المسؤولون وأعادوه إلى الدار.

لكن خطتهم لم تنتهِ، فرتبوا له عملاً جديدًا عند رجل خشن يصنع التوابل. وهناك، كانت الإهانة يومية، والطعام يُعطى له من بقايا طعام الكلب، وفي إحدى المرات، أُلقي له الفُتات على الأرض وقالوا له: "كُل كما تأكل الحيوانات."

الهروب إلى المجهول

في الليل، جلس أوليفر في الزاوية، جسده الصغير يرتجف من البرد والجوع. وفي لحظة ألم ويأس، قرر أن يهرب. خرج في الظلام، يمشي حافيًا فوق الأرض الموحلة، يعانق الريح والبرد والجوع. ظل يمشي لأيام، يطلب لقمة خبز أو مكانًا للنوم، لكن لا أحد يرحمه، حتى سقط مغشيًا عليه.

عندما فتح عينيه، وجد نفسه في بيت امرأة عجوز طيبة، أطعمته وسقته وسألته عن وجهته. فقال لها بصوت خافت: "أريد الذهاب إلى لندن." خافت عليه من الطريق، لكن قلبها رقّ له، فساعدته على مواصلة رحلته.

لندن... ووجه جديد للظلم

عند وصوله إلى لندن، بدأ أوليفر يتجول في الشوارع، حتى تعرّف على مجموعة من الأطفال المشردين، يقودهم رجل ماكر يُدعى فيجن. كان هؤلاء الأطفال يعيشون في بيت قديم، يتلقون الطعام والمأوى، لكن الثمن كان باهظًا: السرقة لصالح فيجن.

راقب أوليفر ما يحدث، ولاحظ أن فيجن يخبئ المجوهرات المسروقة في أماكن سرية. وعندما اكتشفه أحد الصبية، هدده بأن أي كلمة منه ستقوده للهلاك، لكن أوليفر وعده ألا يُفشي السر، قائلاً: "سيبقى هذا الأمر بيننا، حتى أموت."

اتهام بالسرقة ومحكمة جديدة

في اليوم التالي، خرج أوليفر مع أحد الأطفال إلى السوق. وبينما كان الآخرون يسرقون، وقف أوليفر متردداً، لا يعرف إن كان عليه الهرب أو المواجهة. ولسوء حظه، تم القبض عليه وحده من بين الجميع، واقتيد إلى المحكمة.

القاضي لم يمنحه فرصة لشرح موقفه، واعتبره ممثلاً بارعًا، فأصدر حكمًا قاسيًا بحبسه ثلاثة أشهر. لكن، قبل تنفيذ الحكم، حضر الرجل الذي تعرض للسرقة، السيد براونلو، وقال للقاضي إن أوليفر بريء. فأُفرج عنه، وأخذه السيد براونلو إلى بيته.

حياة جديدة... وأمل

ألبسه السيد براونلو ملابس نظيفة، واهتم به، وبدأ يعامله كابن له. سأله ذات يوم: "هل تحب أن تصبح كاتبًا حين تكبر؟" فأجابه أوليفر: "أفضل أن أبيع الكتب." أدرك براونلو أن الفتى محب للعلم، فقرر تبنيه ورعايته.

لكن العصابة لم تنس أوليفر، وأرسلوا نانسي لخطفه. نانسي، تلك الفتاة الطيبة التي تمزقها الحيرة، اختطفته وأعادته إلى فيجن، لكن قلبها لم يكن مرتاحًا.



مؤامرة... وخيانة... ودم

فيجن خطط لتصفية أوليفر، وسمعته نانسي وهو يتحدث مع بيل سايكس، الرجل العنيف في العصابة. قررت أن تبلّغ السيد براونلو، واتجهت إلى دار السيدة براون، وتركت لها رسالة فيها موعد اللقاء على الجسر يوم الأحد عند الساعة الثانية عشرة.

لكن بيل اكتشف خيانتها، فغضب بشدة وهاجمها حتى قتلها. وبعد ذلك، هرب من الشرطة، وبينما كان يحاول الهرب فوق سطح المنزل، سمع كلبه ينبح من الخوف، ففزع وسقط من الأعلى... ومات.


الخاتمة

عاد أوليفر إلى بيت السيد براونلو، وهناك علم بحقيقته: كان ابنًا لرجل شريف توفي دون أن يعرف أحد بوجوده. استطاع براونلو أن يستعيد له اسمه وحقوقه، وأن يمنحه الحياة التي يستحقها.

كبر أوليفر بين الكتب والحب، ولم ينسَ أبدًا ما مرّ به من آلام ومحن. صار مثالًا للأمل والصبر، ودليلًا حيًّا على أن النقاء لا يضيع، وأن الطفولة، مهما سرقوها، قادرة على النهوض.

القصة من تأليف : شارلز ديكنز

عن الكاتب

معلومات تدهشك

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

معلومات تدهشك